التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
تعرف على تاريخ أول مملكة نصرانية في الأندلس، التي كانت النواة الأولى لبقية الممالك وأولى خطواط سقوط الأندلس..
يُعدُّ ألفونسو الأوَّل (الكاثوليكي) المؤسِّس الحقيقي لإسبانيا النصرانيَّة؛ فقد وسَّع مملكته وقوَّاها وأزاح عنها خطر المسلمين إلى حين..
وقد حكم في ظروف مواتية (121-140هـ= 739-757م) لأنَّ الخلافات الداخليَّة كانت قد شغلت المسلمين عنها لسنواتٍ طويلة، فسرعان ما تضخَّمت مساحة مملكته على نحوٍ لم يكن في الحسبان؛ بحيث امتدَّت سيطرتها على كلِّ ما يقع شمال نهر دويرة (Duero) من إقليم جليقيا (غاليسيا) المطل على المحيط الأطلسي غربًا، حتى بلاد البشكنش (الباسك) شرقًا؛ أي ما يُوازي نحو ربع مساحة إيبيريا.
وتطوَّرت استراتيجيَّة هذه المملكة من مجرَّد الدفاع عن نفسها إلى الهجوم والضغط على المسلمين، ثم تبلورت أهدافها النهائيَّة في تقرير أحقيَّتها وحدها في الحياة والسيطرة على إيبيرا، الأمر الذي لم تُقدَّر معه لوجهتي نظر أشتوريس والأندلس أن تلتقيا على هدف، أو أن تتعايشا في سلامٍ ومودَّة أو حسن جوار، وإنَّما اتَّسمت العلاقات بينهما بالعداء الصارخ.
لقد أوصل المسلمون بأنفسهم مملكة أشتوريس إلى هذه الغابات، وأفسحوا لها بطريقةٍ غير مباشرة الطريق إلى تحقيقها؛ إذ نشب بين بعضهم البعض صراعات، بدأت بصراع العرب والبربر الذي ما كاد ينتهي بإخلاء البربر طواعيةً لمناطق استيطانهم في إقليمي أشتوريس وجليقية، حتى حلَّت حروبٌ ضاريةٌ بين العرب أنفسهم.
وهكذا كانت حركة التمرُّد في إقليم أشتوريس بشمالي إيبيريا وما أعقبها من قيام مملكة فيه مستقلَّة عن النفوذ الإسلامي في الأندلس، هي أوَّل تعبيرٍ إسبانيٍّ مسيحيٍّ لإعاقة المسلمين على نطاق إيبيريا كلها، ويشكل فترة هامة وحرجة للغاية من تاريخ المسلمين فيها..
إذ صارت أشتوريس على هذا النحو البؤرة التي انبثقت منها فكرة المقاومة ضدَّهم، قبل أن تظهر في غيرها من أقاليم إيبيريا، فابتدأت بها أولى مراحل التقلُّص التدريجي البطيء للنفوذ الإسلامي في إيبيريا..
وهو تقلُّصٌ تكفَّلت القوى المسيحيَّة التي تلت مملكة أشتوريس (قشتالة، ليون، أرغون، برشلونة) بإتمام مراحله على صورةٍ أشد وأقسى، وذلك فيما عُرِف بحركة الاسترداد التي انتهت بالفعل بإجلاء المسلمين عن آخر معاقلهم، واستعادة الإسبان السيطرة عليها كلِّيَّةً عام 1492م؛ أي بعد ما بقرب من ثمانية قرون على فتح المسلمين لها عام 711م.
المصدر:
محمد الشريف: كراسات أندلسية، منشورات مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات، الرباط، 2015.
التعليقات
إرسال تعليقك